ولا نبات فيها ولا ماء «قالوا» بعضهم لبعض «إِنَّا لَضَالُّونَ 26» طريقها مخطئونه فليست هي هنا فلما تحققوا قالوا لا بل هي نفسها «بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ 27» ثمرها وخيرها ونفعها لتصميمنا على منع المساكين ما كانوا يأخذونه زمن أبينا ولعدم استثنائنا في حلفنا أي لم نقل إن شاء الله متصلا بكلامنا ذاك ولما رأوا ان سقط في أيديهم «قال أوسطهم» أعقلهم وأفضلهم واعدلهم لأن الأوسط خيار في كل شيء «ألم أقل لكم» يا اخوتي هلا «لَوْلا تُسَبِّحُونَ 28» أي تستثنون في حلفكم وقد سمى الاستثناء تسبيحا لأنه تعظيم للإله واقرار بأن أحدا لا يقدر أن يفعل شيئا دون مشيئنه «قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ 29» أنفسنا بمنعنا حق الفقراء وعدم سلوكنا ما كان يسلكه أبونا من القناعة بمؤنة السنة وانفاق الباقي لوجهه «فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ 30» على ما وقع منهم نادمين على فعلهم
ثم دعوا على أنفسهم «قالُوا يا وَيْلَنا» يا هلاكنا «إِنَّا كُنَّا طاغِينَ 31» في ذلك القصد السيء ومخالفتنا عمل أبينا الحسن وحرماننا من جنتنا لتصميمنا على حرمان الفقراء منها. ثم تراجعوا إلى أنفسهم بعد أن عنف بعضهم بعضا وسألوا الله تعالى بقولهم «عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ 32» طالبون الخير منه راجعون لعفوه، قال مجاهد تابوا فأبدلوا خيرا منها، وقال ابن مسعود بلغني أن القوم أخلصوا لله فأعطوا جنة تسمى الحيوان فيها عنب يحمل البغل عنقودا واحدا منه، قال تعالى «كَذلِكَ الْعَذابُ» الذي نفعله بمن تعدى حدودنا وخالف أمرنا بمن تقدم من الأمم نفعله بكم يا أمة محمد إذا لم ترجعوا عن غيكم فإنا نحرمكم من النعم في الدنيا «وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ» الموعودون به «أَكْبَرُ» من هذا لأنه فان منقطع وذاك باق دائم «لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ 33» ما هو لأنه فوق ما تتصوره عقولهم. هذا آخر الآيات المدنيات وقد نزلت بالمدينة بمناسبة ذكر قريش وما كانوا يفعلونه بالرسول الأعظم، واعلم على سبيل الفرض والتقدير بأنك إذا طويتها وقرأت ما بعدها متصلا بما قبلها لاستقام النظم لأن هذه